Quantcast
Channel: يرجع الصوت المسافر
Viewing all articles
Browse latest Browse all 362

هدوء عقلاني

$
0
0
الفترة دي من حياتي أنا مسمياها: الهروب الكبير، أو الاختفاء الكبير، أو الاكتئاب الكبير. من حوالي شهر وأسبوع، روّحت البيت من خروجة مع اصحابي متضايقة. الحقيقة أحد اصدقائي ربنا يخليه وصلني بعربيته، وأنا مكنتش عايزة انزل منها، فضل يلّف بيا في الشوارع اللي حوالين البيت وهو بيقول لي عايزك تبقي كويسة، وقعدنا نتكلم شوية. الكلام كان بيخرج بصعوبة جدا من بقي، وجمل متقطعة، وابتدي جملة وما تنتهيش، واسكت خالص. نزلت في الآخر وحاولت لما طلعت البيت أنام، معرفتش، اتنرفزت أوي وقمت فتحت الفيس بوك: عملت عملة حمقاء، أو غبية، أو حكيمة، معرفش.. شتمت الناس كلها ودعيت عليهم ورحت قفلته. بقالي شهر ونص تقريبا مش بفتحه إلا على الرسايل - عشان  أكون صريحة يعني- وبالتالي أخبار الناس كلها والأخبار بشكل عام أنا انفصلت عنها. الحركة مبقيتش بروحها ولا بكلم حد، والاستفتاء رحته بالعافية عشان يبقى اسمي عملت اللي عليا وخلاص. كنت واقفة في الطابور بقرأ رواية بشعة، اسمها "الاعترافات" لربيع جابر. ومع إن ربيع جابر كتاباته حلوة، بس الرواية كانت بشعة ومؤلمة وقاسية وكل الشتايم التانية اللي ممكن تتقال.
كنت بقول إني انفصلت عن كل حاجة، بقيت محاطة بذاتيتي أنا لوحدي، مفيش أخبار مفيش تلفزيون قراية قليلة اصحاب أقل كلام في التليفون شبه معدوم، من البيت للشغل والعكس، بس كده خلاص. لحد ما ألاقي حل للصحيان معيطة، لما اصحى وافتح عيني وألاقي إني صحيت فعلا ما متش، وأنام على وشي وأعيط زي المجانين، لما ألاقي حل للموضوع ده ح ابقى كويسة، وأرجع استكشف الدنيا والعالم تاني بروح ، مش ح نقول وثابة، بس نقول روح مش متعبة..
في الحقيقة،  أنا بقيت بحب ريحة البخور. في الأول مكنتش بطيقه خالص، لحد ما ماما بطلت تولعه يوم الجمعة، وبقيت أيام جمعاتنا بلا بخور وبلا قرآن، شيء قلل من بركة اليوم وخصوصيته بشكل كبير في الواقع. بس أنا دلوأتي بقيت احبه، أولعه في الشغل، احطه على المكتب اللي ورايا واسيبه شغال، باستريح عليه.  في الأول كنت بولع شمعة ذات رائحة لحد ما اكتشفت إنها كانت أكذوبة كبيرة وإنها مش بتطلع أي ريحة على الإطلاق غير ريحة حريقة وهي بتتطفي، بقيت حاطاها قدامي بشم ريحتها كده من وقت للتاني.
قدامي على المكتب كمان الفرافيرو "زين"، هدية هاجر لينا ، جنية الأمنيات الطيبة. وجنبه الفيل أنس، وكريم نيفيا، وفانوس رمضان، وإزازة عليها رسم لاتنين دولفين، اترددت كتير قبل ما أجيبها ولسه عايزة آخدها أروحها البيت معايا.
أنا - يا عزيزي مجهول الهوية* - مش بفهم في السياسة أي حاجة خالص، وبعد البزرميط اللي حصل مؤخرا واعتصام الاتحادية و6 شهداء سقطوا، سواء من الإخوان أو من غيرهم، رفعت الراية البيضا وأعلنت إن دي lost cause
ودماغي جابت زيرو كبير أوي ومحترم ومالي مركزه، عامل زي الخط الطويل أبو صفارة ده اللي بيطلع في مسلسلات إي آر وجرايز أناتومي، بس يا سيدي، قمت رميت السياسة والبلد وحالها وأبوها وأمها ودينها في سلة زبالة كبيرة محترمة، ومبقيتش تفرق معايا أي حاجة.. أنا بس بيوجعني قلبي لما بشوف صدفة الجرافيتي اللي على الحيطة لجابر، أو اشوفه في أحد المدونات اللي بتابعها.. النهاردة افتكرت كلام عنه لحد ما قلبي وجعني حرفيًا، رحت بطلت بالعافية عشان أعرف اعيش. 
الحقيقة يا عزيزي مجهول الهوية أنا أحلامي مش كبيرة، يعني صاحبتي جات ليلة راس السنة وبتسألني ايه أمنياتك للسنة الجديدة رديت عليها على طول: إني ابقى كويسة. حقيقي نفسي اصحى كويسة، وأحس إني كويسة طول اليوم، واشتغل كويس وأرضى عن شغلي. عمري ما رضيت عن شغلي خالص لحد دلوأتي، شوف بقالي كام سنة متخرجة وبشتغل بس معجبنيش شغلي لحد دلوأتي، والحمد لله على كل حال.
الحقيقة برضه إني نفسي اقرب من ربنا. يعني اعرف ليه ربنا بيعمل فينا كل ده، وايه الهدف والغاية في النهاية، وليه كل كمية التعذيب دي. 
لحد ما ابقى كويسة، ح احشر راسي جوه صدفة السلحفة اللي أنا فيها دي، عشان تحميني بإذن ربنا من العواصف والأجواء المتقلبة، والسقعة المبالغ فيها .. وربنا المستعان :)

_______________________________________________________
* ريهام هي من اخترعت الكلام لعزيزنا مجهول الهوية

Viewing all articles
Browse latest Browse all 362

Trending Articles