استيقظ مبكرة كما اعتدت بقية أيام الأسبوع، رغم أني أكرر لنفسي أن اليوم جمعة واستحق النوم لأطول وقت ممكن، تعويضًا عن الاستيقاظ كل يوم في السادسة والنصف قرفانة.. أضع رأسي تحت الغطاء ثانية، واحضن عروستي العصفور بشدة، كأنما أحاول إدخالها لصدري لتملأ الفجوة التي أحسست بها ما إن استيقظت. قلت ذات يوم لأحد أصدقائي إني أشعر كأنما ألفظ روحي عندما أصحو، لكن الشعور الأدق على ما اعتقد هو الفجوة، خرم عميق يفتح بحدة كأنما بسكين ويخترق روحي ويجعلني أفزع..
أقول لأتغلب على إحساسي بالفزع أفكر بكَ، نعم أفعل.. اتخيل أنك هنا بجانبي تحضنني وتقول لي لا تقلقي، نفس العبارة التي رددتها "رحاب بسام" في حلمها، في كتاب "أرز باللبن لشخصين" الذي أقرؤه حاليًا، للمرة المليون تقريبًا. تردد لا تقلقي ولا تخافي فأنا هنا، وأبدأ في تخيل حكاية تحكيها لي لتذهب عني الخوف. في تسع من عشرة حالات لا أنجح إلا في وصف مطاردات ودماء تسيل وميادين مظلمة، إلى الآن لم اتصالح مع الظلمة، واتخيل أن الليل يحل فقط لنكنّ في بيوتنا ولا نخرج منها..
اتقلب على سريري وأنا مازلت تحت الغطاء، كلّي كده. أمد يدي من تحت الغطاء لأسحب الكتاب واقرأ فيه صفحتين، اتعجب من قدرتها على الحكي وابتسم وامتن لها، أغلقه وكلّي خفو من أن ينتهي سريعًا فلا أجد شيئًا أشعر معه بالوَنَس والألفة والأمان اقرؤه.. صحيح أن "خارطة الحب" معي الآن بعد أن استلفتها من نيفين، لكني لم استطع بعد تجاوز بدايتها الحزينة، عندما كانت آنا تحكي عن إدوارد وتبدّله منذ عاد من السودان، والفظائع التي ارتكبها الجيش الانجليزي هناك وشهدها إدوارد.. أترك الكتاب وأعود لتخيلك، أنام مطمئنة فأحلم..
حلمت بأني كنت و"ر" نتمشى في مكان يشبه الميناء، والبحر على يميننا، والدنيا ظلام . فجأة طلع لنا حسام وحاول التعدي عليها، فجئت بها خلفي ووقفت أدافع عنها وأضربه، ضربته بشدة وضربني حتى جاء سمير وضربه معي، ثم تجمع الناس حولنا وفضوا العركة، وذهبت أنا للمستشفى. طول الوقت كان سمير صامتًا، كعادته، وكانت "ر" تبكي لأنها لم ترد لي أن اتأذى، أو ادخل في هذه المشاجرة من أصله. ابتسمت لها وقلت إني بخير. كنت اتمنى أن أراك أنتَ أيضًا، تدافع عنّا وتثني على شجاعتي، وتبتسم لي..
استيقظ تمامًا، اتخذ قرارًا بألا أشارك في مظاهرات اليوم، لا استطيع تحمل أن أومن بشيء بشدة، ولا يتحقق، أو انزل للميدان ثم يهجموا علينا. قررت أن احترم إحساسي الداخلي. أتذكر يوم 4 مايو؟ قلت لك إني خائفة جدا فقلت ألا أخاف، قلت لن أشارك فلم تردّ عليّ. تذكر يومها؟ انخلع قلبي عليك لكني كابرت ولم اتصل بك، عرفت بعدها ببطولتك في هذا اليوم، وزاد احترامي لك..
أقرر قضاء اليوم مع أمي، نتكلم فتأتي على سيرتك. تسألني: هاه فيه حد؟ اتهرب جدًا من الإجابة ويحمر وجهي ويبان عليّا، تقرر أمي ألا تضيق علي الخناق أكثر - منذ متى وهي عذبة هكذا؟ :) - فنتكلم في موضوع آخر.. تأتي على سيرة السفر فتدمع عيناي، لست مستعدة له أبدًا الآن..
أعود لقراءة رحاب بسام إلى أن تستيقظ أختي، امتنّ جدًا لوجودها في حياتي في الفترة الأخيرة، محبة وطيبة وتسندني كثيرًا، اتعكز عليها جدًا فلا تشتكي ، بل تبتسم وتمنح أكثر. اتغطى جدًا فتجلس جواري تحضنني وتغني لي، أنام بجوارها فتفسح لي مكانًا وتكمل نومها.. تصنع لي طعامًا طيبًا وتشتري نوع شوكولاتة جديد لنحتسيه سويًا، كأنه سرّنا الصغير. تشجعني على السفر والبحث عن فرص أكثر وأكبر، تشجعني دائمًا كروح طيبة ولا تملّ مني أبدًا.. ربنا يخليها لي :)
عامة، أنا مش مهيأة للسفر حاليًا، وأفضّل البقاء في السرير أطول وقت ممكن، وممتنة جدا للمنوم اللي باخده، وبحب اكلمك حتى لو إنت مش واخد بالك زي دلوأتي حالا مثلاً، وح ادي التدريب فرصة، ولازم اشوف أصحابي قريب، وأحيانًا بيكون عندي إحساس بالامتنان للكون..هي آه أوقات قليلة بس بتيجي يعني، الحمد لله
الحمد لله :)