Quantcast
Channel: يرجع الصوت المسافر
Viewing all 362 articles
Browse latest View live

كتاب روز الأول

$
0
0
طلع لي كتاب! المدونة اتحوّلت لكتاب! يا حلاوة يا ولاد :))
ح تلاقوه في مكتبة سنابل، 5 ش صبري أبو علم، محطة مترو محمد نجيب، القاهرة. أجازتهم الجمعة.
أما في بقية المحافظات فموجود عند أكشاك الجرائد لأن الكتاب توزيع أخبار اليوم.
المجموعة صادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة :)
تابعوني هنا وهنالمعرفة ميعاد حفلة التوقيع، تنوروني كلكم :)
شكرًا لمتابعتكم المدونة كل هذه السنوات. تحياتي :)

عيد الدني راس السني :)

$
0
0
امبارح كان يوم سيء جدًا. صحيت متكدرة أوي ومتنرفزة عايزة أشد شعري اقطعه أو أنط من الشباك وأخلص خالص من كل القرف ده. "القرف ده"تحديدًا كان الأطباق والحِلل المتركمة بقالها 3 أيام، وإني ملزمة أعمل لهم فطار وغدا وعشا في مطبخ مش نضيف، قمت زعقت لهم كلهم واعتكفت في أوضتي متضايقة أوي بتساءل عن جدوى العيشة. عامة الكآبة الصباحية وإنك تحس بالضيق الشديد والقرف من علامات الاكتئاب، وعندي أنا بزيادة. د. أحمد خالد توفيق مرة قال إن النوم بيعالج كل حاجة، والواحد بيصحى منه مبسوط وفايق إلا مريض الاكتئاب، لأنه مرض بياكل في الروح زي السرطان ما بياكل الخلايا، هو كمان بيقرف الناس في عيشتهم.
.
بعد شوية رحت معاد كنت مقفولة فيه تمامًا، وخرجت منه قلت أروح اتفسح أشوف الناس والزينة الجديدة في سيتي ستارز، أو أدخل مكتبة ديوان أبص على الكتب. بصيت بقرف لكل حاجة وقلت"وايه يعني؟ ايه الفايدة؟". روّحت ببعض الصعوبة بس اشتريت موز في السكة وده كان أكلي بقية اليوم، بمناسبة إني مكلتش حاجة من الصبح يعني.
.
قلت ح ادخل أنام، بس الساعة لسه سبعة. قعدت اختار في الكتب وكنت ح اعيط جدًا لأن معنديش كتاب حِلو، وبعدين استقر اختياري على كتاب أجاثا كريستي "الموت على ضفاف النيل"، مع إنه موت وكده، بس الست أجاثا ربنا يباركلها يعني قدمت حاجة أكبر من مجرد قصص جريمة، مش قادرة أحدد هي ايه تحديدًا لكن أنا ارتبطت بيها أوي، وبقيت بتعني لي ساعات من المتعة "النضيفة"واحترام عقلي وتحديه. لما كنت باتفرج على حلقات مس ماربل - مش بتاعت البي بي سي لأني معرفتش أجيبها - بتاعت جوليا ماكنزي حبيتها أوي وحبيت تقمصها للأداء والشخصية والكلمات طالعة من بقها مقنعة أوي كإنها فعلاً ميس ماربل.
جبت الكتاب وقعدت أقرا فيه لحد ما اختي طفيت النور ونمنا.
...
النهاردة، 31/12/2014
كان يوم جميل فعلاً، صحيت من النوم مشرقة وأنا عارفة إن أخويا سهر يخلص الأطباق كلها، بس مش ده السبب الوحيد، أصل أنا عندي "مود سوينجز"غبية جدًا، أحيانًا بتيجي وتقعد على قلبي. المهم، قمت عملت الفطار واتصلت بمدير النشر اللي نشر لي كتابي وقلت له أروح آخد نسخي المجانية - بحب كلمة مجانية :) - و"الشيك"وهي كلمة ملطفة لعبارة "فلوسي يا بيه"، قال لي إشطة روحي بس أنا في البلد باريّح شوية، لأنه لسه طالع من المستشفى عشان مسألة الذبحة الصدرية. المهم قلت ح انزل، واتأخرت جدًا، جيت آخد تاكسي الراجل قعد يقول لي مظاهرات وبتاع أنا ح أوصلك لأقرب محطة مترو، مرضيش يمشي إلا لما يطلع بمصلحة برضه. حطيت السماعات في وداني وهو بيبتسم ابتسامة العالم ببواطن الأمور ويقول لي "الناس بتكره تتكلم في السياسة، هاع هاع هاع هاع"وأنا تجاهلته تمامًا.
رحلة التلاتة مترو كانت مريعة، و"الجماهير الغفيرة"من البشر أرعبتني وأهلكتني نفسيًا جدًا. لما وصلت الهيئة أخيرًا كانت اتنين إلا ربع والموظفات بيمشوا وبيمضوا في الدفتر الدور الأرضي. دخلت وأنا متوقعة إنهم يقولوا لي في استنكار: إنتي جاية اعملي ايه؟ الناس مشيت خلاص!
لقيت الأسانسير بأعجوبة، طلعت، سألت عن الاستاذ خالد، نده الاستاذ معتز، الاستاذ اللي جنبه بص في دفتر طويل حروفه مهترئة ولقاني منزلتش في كشف الدفع - مفيش فلوس، إهيئ :( - الاستاذ معتز أخدني على جنب وقال لي تمضي نسخة هدية للاستاذة ابتهال المديرة وهي تديكي نسخ زيادة، اخدت 40 نسخة - قليلين - ومضيت لها على نسختي وقعدت تشكر فيا وتقول لي كلام حلو، وإديتني شوكولاتة بمناسبة العام الجديد، واتصورت معاها، واتصورت لوحدي مع الكتاب، واخدت شنطتي وكتبي ونزلت.
!هووف
....
رحت المكتبة لقيت فيها كتاب ريهام وانبسطت جدًا، اشتريت 3 نسخ، واشتريت من كتابي كمان 10 نسخ، حطيتهم في الشنطة بس كتب ريهام حضنتهم جامد، أخدت تاكسي -الحمد لله ربنا رزقني بتاكسي ابن حلال جدًا يعني - وروّحت.
طول ما هو ماشي مش عايزة الطريق يخلص إلا عشان اتخلص من ريحة العوادم، بس كنت مبسوطة حقيقي من كتاب ريهام، قعدت اقراه بانبساط حقيقي رغم إن الأصل - المدونة - قريتها قبل كده كذا مرة، وريهام اديتني مدونتها مطبوعة قبل ما توديها للنشر، وقريتها وانبسطت، بس مش زي الكتاب الحقيقة :)))
شكرًا جدًا لريهام :)
...
وبعد، فإنه النيو ييير يا جدعان. زمان مكنتش بحب أبدًا السنة الجديدة، واقول وايه يعني؟ بصوت حوّار - الحمار - صاحب بووه: "سنة جديدة جات، سنة مشيت، وايه يعني؟"بصوته الكئيب المستسلم ده. أنا كنت ضد الاحتفال بالسنة الجديدة لأنها "لن تحمل سوى الخراب والمتاعب والإرهاق"، بس السنة دي أنا حاسة بتنطيط جوايا وعايزة امشي في الشارع أزحلق رجلي يمين شوية وشمال شوية وأنط لفوق شوية ودي رقصة البطريق يا با يابا هيييه :D
بس كنت مرهقة قلت إشطة
روّحت البيت وأنا عازمة على شوية حاجات: استحمى رغم البرد، واحط كريم من أبو ريحة حلوة بتاع أختي ده بما إنها سمحت لي استخدمه أخيرًا، وأشوي البطاطا، واكتب التدوينة دي على المدونة هنا بالذات مش في أي حتة تانية، واعيّد على ناس حلوة، وأكتب "أنا بقيت أفضل كتير، شكرًا لحضرتك"لحد عزيز عليا بيخدمني بعينيه، وأكلم مرات أخويا اقولها تجيب الولا مهند ونحتفل بالسنة الجديدة بس افتكرت إن أخويا عنده امتحانات والواد قاعد يذاكر أو بيحاول يذاكر يعني، وإني نفسي اتفرج على حاجة أجاثا كريستي تاني واتفرج على فيلم "كبرياء وتحيز"نسخة كيرا نايتلي- وهذا يذكرني بمناقشة كنت أجريتها مع نوفا إن مستر دارسي مش مناسب لكل البنات - واتفرج كمان على فؤاد المهندس وهو بيعد على صوابعه "قميص بست زراير، وكرافتة مربوطة، وصديري مقفول، وجاكتة، وسرقت الفانلة يا عالم!"وآكل تورتة بالشوكولاتة والكريمة - في أول احتفال بالكريسماس أعمله عملت لهم تورتة فوقيها شوكولاتة لكن كانت سميكة شوية فكنا بناكل كيكة عليها لحسة كريمة، بس إشطة أديت الغرض - وآكل أي حاجة وكتير جدًا، وآخد كوباية شوكولاتة سخنة باللبن وأتقوقز في سريري مع كتاب ريهام، وأشوف فيلم "الأجازة"بتاع الست كيت وينسلت - في ليها فيلم جديد إعلانه جايبها "ح تقلع"وأنا كرهت الموضوع ده جدًا وزعلت لها الحقيقة.
.
نويت كمان اقفل كل التابس اللي فاتحاها عن مواضيع نفسي أقرا عنها أو اكتبها أو اترجمها أو اعملها مقالات أو أي هري آخر. ح ابتدي السنة الجديدة بحاجات جديدة وجوجل كروم نضيف مفيهوش أي تابس مفتوحة، نويت إني ما ابكتش نفسي على الحاجات اللي "المفروض أعملها"، أخليني أكثر رفقًا بنفسي وأقول لها معلش لو الحاجات ما اتنجزتش. صديقي  بيقول لي خلي قياسك لإنجازك في الحاجات كل 3-6 شهور مش كل يوم، وأنا شايفة إن ده صح جدًا، ومتشكرة ليه أوي.. 
.
بس، اقدر أقول بقلب مبتهج إنه هابي نيو ييير يا حلوين، واستمع لفرقعة الصواريخ - رغم كرهي لها - بابتهاج لحظي طالما بعيدة عني، وأودع سنة مرهقة بس مفيدة ليا جدًا ومنتجة أوي - ابتديت الكتابة واتنشر لي كتاب وبقا ليا قرّاء بينبسطوا لما باكتب - واستقبل سنة جديدة يارب تكون لطيفة ومحبة وعطوفة علينا كلنا، آمين.
هابي نيو يييير يا عم سعيد :) :)
31/12/2014

تواصل نسبي

$
0
0
على الباب واقف اتنين، ولد وبنت. حواليهم كمان تلاتة، ولد وبنتين، واقفين مستنيين دورهم في السلام. شكرًا للي قال على المصافحة بالإيد “سَلام”. مدّوا إيدهم لبعض وتشابكت. واحدة من البنتين كلّمت الولد، المكالمة طوّلت، السَلام ما اتفكش. فضلت الإيدين مستريحة بدفا بعض وبتقول لبعض كلام كتير. كفّ البنت اللي حجمه عادي استريح جوّه تجويف كف الولد، اللي أكبر شوية من كفها. كان دفا، وكان صمت، وكان دقات قلب بتدق أهدى.
الولد رجع يبص لها، سكت. ملقاش كلام يقوله. سألته: ح تردّ على الواتسآب؟ قال لها مش برد على ولا وسيلة تواصل. وسكت. سألته: مكتئب؟ قال لها بصراحة وطمان للي حواليه: آه. قالت له بابتسامة عابثة في الأول بس بعد كده تحوّلت لشاحبة: وأنا كمان. وسكتت..
ضغطت بإبهامها على إبهامه، وهو شدد الضغط على كفها. سابوا بعض في النهاية، وسبقتهم للنزول من الباب والسلم الضلمة، لحد تحت، لحد الهوا الساقع.
سبقهم في المشي، اتكلفت هو وهي بجاكيتين إسودين، هو عرف يقفله وهي مقفلتوش بس  حطيت كوفية ملونة نبيتي في بنفسجي وطويلة، على صدرها، ومحسيتش بالبرد. نزل معاهم ولد وبنت كمان، البنت لابسة تركواز مبهج، والولد التاني صامت جدًا.
سبقهم، بس لما جه التاكسي قعد جنبها ولمّ رجله جدًا بحيث متلمسهاش. هي قالت مفيش مشكلة واقعد براحتك بس برضه مفكّش رجله. سألته: الشغل عامل فيك ايه؟ قال لها صعب، صعب أوي كمان. اللي كان بيتعمل في ساعتين بقا بيخلص في عشر ساعات، وهو مش قادر يستحمل. قالت له كوبايتك مليانة. حاول تفضيها. 
التاكسي نزّلهم، مكملوش كلام، قال لها بينا تليفون، ركب وروّح. وهي فضلت مستنية تليفونه، كتير كتير، كتير.
3/1/2015

اعتراف

$
0
0
أنا اكتشفت - أو كنت عارفة بس باكتشف كل شوية وباندهش، أو بامثّل الاندهاش - إني شخص خجول جدًا، وبيحب يحكي جدًا عن نفسه، بس مش لأي حدّ. ريهام كانت كاتبة في كتابها إن الشخصيات الحساسة أكيد بتكلم نفسها وإلا تتجنن، وأضيف عليها حاجة مقيتة باعملها: بلاحظ كل حاجة، كل طرفة عين  أو تغير في نبرة الصوت أو نظرة مطوّلة، كل ريحة وتغير في الأحوال، كل مشهد، كل طلعة ميكروباص، كل زحمة أو لمسة بقصد أو بدون في الميني باص، كل لون عربية أو ريحة عادم طالعة منها. رادار عملاق على شكل بني آدم له رجلين بتزهق من المشي، بيجمع كل حاجة، عشان كده باكتئب بسرعة جدًا، عشان كده باحتاج أيام العطلة الأسبوعية - لما كنت باشتغل - أفضل قاعداهم في البيت، يا اتفرج على صور مهدئة يا اسمع مزيكا هادية واتنح للفراغ، وباكتب.
لاحظت برضه، أو فهمت، خلينا نقول “حسيت وفهمت”، إن مش أي حد يكتب شِعر، وغالبًا اللي بيكتبه بيكون طالع من تجارب قاسية جدًا. فيه ناس، ولدين وبنت تحديدًا في دماغي دلوأتي - مصطفى إبراهيم واحد منهم - حساس جدًا، جدًا بشكل يفوق الوصف، وعرفت مؤخرًا إنه “بيخرج من اكتئابه فيكتب قصيدة جديدة”، هو كمان رادار عملاق أو حوت حزين، بيلقط كل حاجة، خصوصًا الكلام، وبيعرف يعبر عنه. جملته “أنا نفسي أنام” في آخر قصيدة “تفرانيل 50” بتلخص ليالي طويلة من عدم النوم أو النوم المقطع ومقاومة المنوّمات وترجّي العقل إنه يقف. الجملة يبدو إنها بسيطة جدًا ويمكن عادية، بس مكوّمة حاجات وأحاسيس بنت ستين في سبعين، ومش أي حد يحسها. تفضل صاحي بتدعي ربنا إنك تنام، يا تنام فعلاً يا تزعل من ربنا.
مصطفى حساس وبيكتب من قلبه، العايدي كمان. وناس بتكتب من قلبها جدًا، ناس تخاف تقرب منها لينكسروا من هشاشتهم وكلمة تقولها بالغلط. ناس تحبها من بعيد لبعيد، تحبها لشِعرها وكلامها وكتابتها وردودها المهذبة عليك لما تتكلم، لكن لو قرّبت أكتر من كده ممكن يصدّوك، لأنهم جربوا القُرب قبل كده ويمكن، يمكن جرحهم.
أنا واحدة منهم. موهبتي طبعًا تفرق وأقل منهم، بس الحساسية والتقاط الموجودات والإشارات وتكليم السما موجود، الإيمان بالعلامات والفال، موجود، الاعتمادية على الناس والخوف منهم والبُعد عنهم، موجودة. أنا ممكن اتفهم بس صعب التعامل معايا. محتاجة معاملة خاصة، طبطبة على طول، وعرض لا نهائي من الأحضان، واتساب في حالي.
أنا نفسي أفهمني، نفسي أعاملني بالراحة، ونفسي أكتر الناس اللي عايشة معاهم يعاملوني بالراحة برضه، مش بالشخط ولا التريقة.
أنا نفسي أنام”
أنا عايز أروّح دلوأتي
ح نكمّل امتى علاج طيب؟
لازم ح نشوف بعض قريّب
"أنا ماشي، سلام
م. إبراهيم

"وضلّلي عليا"

$
0
0
توطئة:
هناك رقص لكل شيء، وحركات لكل رقصة. فمثلاً، في أغنية "اتمايلي"بصوت منير صغير السن، ومنيب، وبالعزف على العود والضرب على الدف، يصير التمايل يمنة ويسرة بهدوء واجبًا، ثم تحريك الأكتاف بلطف يمينًا مرة ثم مصاحبة الذراعين وفتحهما على الآخر وضمهما، مع نظرة محددة مصوّبة من فوق النظارة – تصبح غائمة، لا مشكلة – لمن نحب جدًا، مع مقطع "ما هو لسه جاي جاي دوري/اشرب من إيد حبيبي/ ويبقى الخلا حصاني. اتمايلي / يا قمرة يا مضوية / ده بكرة ليكي وليا / ودوري، دوري / يا ساقية دوري". لو لم يكن من نستصبح بوجهه في خيالاتنا فيعطي للنهار طعمًا غير المرار موجودًا أمامنا، أو لخجلنا من التحرك غير المؤطّر بأعراف اجتماعية أمامه، يكفي تخيّله، ومع التخيّل يأتي التبسّم، ثم عناق لطيف للرأس والأكتاف، ينتهي بربتة ومسح مطوّل على الظهر، لأن المسحات الخمس كما يقول عمرو صبحي:
“مايا تطمئني وتمسح فوق ظهري خمس مسحات خفيفات
أولى تعيد إلى الغريب الموطنا
وثانية ترد إلى أمسي حاضرًا
وثالثة تطمئني على مهل
ورابعة تباعدني وتدنيني
وتقتلني، فتحييني
حتى أصير مبرءًا من كل شك

بانتهاء الخامسة.”

حفل توقيع روز وريهام

$
0
0
حفلة توقيعي أنا وريهام إن شاء الله يوم الجمعة الجاي 16 يناير الساعة 4 في مكتبة حواديت بالدقي بجوار محطة مترو البحوث
حاولوا تيجوا لو سمحتم، ح تبسطوني بحضوركم :)
تعالوا
رابط الحفل:
https://www.facebook.com/events/1558765671031681/?context=create&previousaction=create&source=49&sid_create=3615087071

تداعيات مكالمة غير مكتملة

$
0
0
إلى عزيزي السيد ميم:
تحية طيبة
لم نذهب بعد إلى معرض الكتاب، وإن كنت قد وعدتني بذلك. قلت لي إنك ستخصص يومًا محددًا لي نخرج فيه من أول النهار لآخره، وأنا لم أقل لكَ إني أتعب بسرعة، لذلك وافقتك على هذه الخطة المرتجلة لأنها تعني أني سأراكَ 
أكثر.
.
أمس ذهبت للمعرض، وأول من أمس أيضًا. تعرف أنت متلازمة المعرض/مظاهرات التي يحملها لنا شهر يناير وبعضًا من فبراير، وتسبب إحساسًا لازمًا بالذنب لا يقضي عليه كوننا أولاد طيبين لا نبغي أي سوء لأحد إلا لو كان في موضع سلطة وقد جار علينا. لا ننزل المظاهرات ونذهب للمعرض. نقطة.
.
في قصة كتبتها لا أدري متى، كانت تدور حول المعرض. تدور حول فتى اشترك في مظاهرة "يقولون إن الأصح هو "تظاهرة"لكني لا استسيغها"، وقد بدأ الضرب فارتجف جدًا وقرر بلحظة تنوير فجائية أن يتجه للمعرض. يذهب ويجد فتى وفتاة جالسين بجوار بعضهما ويتركون حيّزًا كافيًا في المقعد لآخر، والفتاة تحتضن الفتى. يذهب لها ويطلب حضنًا مماثلاً فتضحك وتعطيه. هذا كله قبل انتشار صور شيماء التي يحضنها الولد من بطنها راكعًا على ركبتيه ويبكي بشدة. لا تعرف - أو ربما تعرف - ما التأثير الفشيخ - يفشخ النفس جدًا - الذي تحدثه هذه الصورة في النفس. هذا كله قبل انتشار الأحضان الفجائية التي تحمي من الرصاص والبلي والقنابل.
.
أمس قابلت أختك. أخبرتك على الموبايل فرددت بعدما نمت أن "سيرتي"جاءت في مناسبات سابقة لأني "باكتب حلو"فتذكرت هي الاسم ولما رأتني كتبت لي اهداءً على روايتها التي اشتريتها "ربّ صدفة خير من ألف ميعاد"ووقعّت باسمها.
في روايتها يا ميم تتحدث عن "أيام الثورة الأولى"، وأنا كنت مرهقة جدًا لم استطع حتى أن تتلاحق أنفاسي ردًا على ما أقرأ وتفاعلاً معه، وقفلت الرواية ونمت.
.
أريد أن أراك يا ميم. هناك كلام محوّش كثير جدًا. يعني مثلاً، عندك آخر مرة تحادثنا فيها بالهاتف، وسألتك "عامل ايه"فرددت إنه "شغال". تعرف أنت أني منذ زمن طويل جدًا أكره كلمة "شغال"والتي تعني أني أقوم بالحركات الآلية للحياة: أشرب مياه، أدخل الحمام، أدوّر مفتاح السيارة في الكونتاكت، ابتسم بآلية، آكل بآلية، أنسى النوم، أنسى طعم الأشياء. رغم هذا كله لم أعلّق على كلمتك تلك، لأني أعرف حجم الهزائم المتتالية والانكسارات المتعاقبة التي تأكلنا أحياءً.
.
لم أحكِ لكَ يا ميم أني حين قلت لكَ أني "كويسة"ردًا على سؤالك، لم أكن كويسة على الإطلاق. لم أكن بخير، لكني لم أرد تحميلك همًا فوق همك، ولم يتسع لنا الوقت للحكي، إذ كنت بعملك. 
.
اكتشفت يا ميم أني أحوّش لك الكلام، أحوّشه جدًا حتى يؤلمني بالداخل ويحرقني ويظل يدور في دوائر  تخلق جوًا قابضًا من التعاسة. الكلام غير المنطوق يخلق تعاسة لا شكّ فيها، هذه حقيقة علمية.
.
أريد أن أراك يا ميم :)



.
حفظك الله
تحياتي
روز

طائر فيروزي نادر يبقى معي*

$
0
0
تقريبًا النهاردة أول مرة من كتير أوي مبقاش وأنا قاعدة مع حد بفكر "أنا ح اكتب ايه عن الموضوع ده؟ أو عن القعدة دي؟". النهاردة كنت في "الحدث"تمامًا، لدرجة إني كنت باسكت كتير باتوه مش عارفة ومش لاقية حاجة أقولها. مفيش حاجة كانت مهم تتقال على فكرة، كان كل المهم هو "وجودنا"في حيّز بعض، إنك قاعد قدامي وشايفاك، وإني قدامك وشايفني، وإنك كويس ما زلت، وأنا بحاول أقف على رجلي وباخرج خروجات جنب بيتي وبتفادى المواصلات والناس.
.
اعتقد إن كل اللي فكّرت فيه وأنا قاعدة هو بلال علاء. بلال أصلاً بيعقدني جدًا وعنده كمية حساسية لالتقاط المحيطات مجرمة جدًا واعتقد مسببة له مشاكل كتير. بلال مرة كتب في إحدى تدويناته إنه كان في لحظة ما فكّر إن اللحظة دي تحديدًا ح يفتكرها بعد كده بحنين شديد لأنها مستحيلة تتكرر تقريبًا أو إن اللُقا صعب، كان جوه اللحظة وعنده حنين أصلاً ليها، يعني بتحصل على مستويين زمنيين جواه! وده مش جنان، ده وعي قوي بشيء بيحصل وبيتكوّن حوالينا وفينا، بس من كُتر تركيزنا فيه ابتدينا نشوفه اتنين وعلى مستويين زمنيين ووعيين مختلفين. أنا كنت زي بلال: أنا ح ابص للحظة دي بعد كده بحنين شديد.
.
سألتني عن رد فعل الناس. حقيقة محدش إلا وأكبر تصرفك وقرارك باتخاذ الصراحة معايا، وقرارنا النهائي بتحديد شكل العلاقة بالصحوبية بس. الحقيقة برضه صاحبة أو اتنين قالوا لي إني "مش ح اقدر"، وده كان سؤالك التاني ليا، بس أنا ناوية ومتوقعة وعايزة "اقدر"إن علاقتنا فعلاً تبقى على قيد الحياة وإن اتخذت شكل آخر غير اللي أنا كنت عايزاه.
.
قعدنا نتكلم عن الكتابة. حقيقي إنت فعلاً متعرفش أنا قد ايه بحب جدًا لما حد يقول لي إني باكتب حلو، وبابقى عايزة أسمع ده باستمرار لأن عندي صعوبة شديدة في تصديق أي شيء حلو بيتقال عني أو عن أدائي في أي شيء، حتى الترجمة، اللي بيقول لي إن ترجمتي لطيفة وممتازة مبصدقش مطلقًا، بينما اللي يقول لي إني عكّيت باخد كلامه مسلّم بيه وباقول إن هو ده أدائي وعمري ما ح اتحسن.
.
بمناسبة "التصديق"، أنا مرة مش فاكرة امتى تحديدًا قلت لك كلام حلو أوي، رحت إنت ردّيت عليا "ده كتير عليا، بس مش مشكلة، أنا مصدّق". وجملة "أنا مصدّق"تحديدًا بقيت ردّي على الكلام الحلو اللي بيتقال لي وباصدقه فعلاً، وبعدين صاحبي "مصطفى" - فاكر؟ اللي حكيت لك عنه إنه صحّى التروما تاني - لقطها مني وبقا يقولها في حواراتنا مع بعض :).
.
لما سألتني عن "ح نعمل ايه دلوأتي"قلت لك ح نكمل عادي فرديت إنك مش متأكد إن "عادي"رد فعل مناسب للموقف، أنا وعدتك. الحقيقة أنا مكنتش مخططة للوعد ده، وأنا صعب أعمل حاجة أو آخد وعود على نفسي من غير ما اناقشها الأول وآخد رأيها، بس أنا مكنتش "طايشة"وقلت أول حاجة خطرت على بالي، لأ أنا صادقة مع نفسي فعلاً: أول ما أحس ببوادر إني ابتديت آخد منحى آخر في علاقتنا ح أقول لي وأقول لك وناخد إجراءات حازمة تجاه هذا الأمر. بس أنا حقيقي سعيدة إننا بنتكلم، وإننا بقينا أصحاب. أنا فوجئت بنبع كلام طالع من جوايا عن حاجات كتير مبتكلمش فيها مع حد أو يمكن أنا مش باتكلم مع حد أصلاً إلا قليل جدًا. أنا ما صدقت أصلاً ألاقي حد بيسمع كويس من غير ما يقاطعني ومن غير ما يصدر عليا أحكام وكمان متعاطف معايا.. دي معجزة! أنا باستغلك يا ابني وعليك أن تحذر! :D
.
أول ما خرجت من الكافيه وافترقنا ومشيت، جات في بالي أغنية "حرف جرّ"لفرقة المغنى خانة: "بيني وبينك حرف جر/عكس مدارات الرحايا..."هي بقالها فترة بتدور في دماغي، بس افتكرت وأنا مروّحة تحديدًا إني كنت باسمعها زمان زمان، من سنتين تقريبًا، وكنت باطبقها عليا وتفكيري فيك / في الوطن: "وبحر ناس ومدونات/وماضي كتفني بظروفه/بيني وبينك بكرة جاي/ولسه مش عايز أشوفه". كانت الأغنية عاملة لي هسس جدًا، كنت باسمعها كتير أوي أوي يعني، وكان نفسي حد اقعده قدامي وأشرح له: أيوة أنا باقول للناس كلها عليه / على مصر، وباكتب في مدونتين وأجندتين عنهم.. وبكرة مش جاي ومش مستعدة أشوفه ولا مستعدة لأي تغير في أي وضع حالي. 
.
الحقيقة إن تغير الأوضاع: سفري وسيباني لشغلي، والتغير الجديد في علاقتنا، كانوا كُبار جدًا ومش سهلين، بس الحمد لله يعني ربنا أعانني على اجتيازهم والنجاة بأقل الخسائر الممكنة، بل إن التجربتين نتج عنهم ثمار حلوة جدًا يمكن مش أقلها الكتابة وكتابين واحد صدر والتاني بيتعمل وقرّب يخلص، وإننا رجعنا نتكلم تاني :).
.

أنا نفسي نتقابل كتير، وأخرج في أماكن أحلى واشوف ناس حلوة وآكل أكل حلو وأسمع مزيكا جميلة. بالمناسبة أنا لما قلت لك إني في الفترة الأخيرة كنت مكتئبة - ويمكن ما زلت - مكانش حاجة ليها علاقة بيك، ده تفاعل كيميائي في المخ بسبب ظروف سابقة على الوقت الحاضر، وملهاش حوافز تثيرها، لا يا عم دي بتتولد من نفسها وتتعاد، من أول وجديد.
عشان كده بقول لك إني نِفسي "أحيا"جدًا: أخرج واكتب واقرا وآكل وأشرب وأشوف ناس واتفرج على حاجات حلوة. أعمل صُحاب جداد وأوثق علاقتي بالقدام وأكتب كتير أوي، نِفسي البلد تبطل تهدّ فينا ما تقومناش، وإننا نقدر نعيش، نعيش فعلاً، مش "نبقى على قيد الحياة"فقط.
.
الإحساس بإن النهاردة كان من الأيام الحلوة، وإني لقيت صاحب حلو احكي له ومزهقش مني، وإني خرجت خروجة حلوة، وإن كل حاجة كانت لطيفة لدرجة إن البيت نفسه كان لطيف لما روّحت له وبعض الظروف المؤسية المحيطة بيه اختفت ولو مؤقتًا، كل ده عامل زي عصفور فيروزي صغنون جدًا مخبي راسه تحت جناحه وقرر إنه يستخبى بين دراعي وصدري، شيء جميل جدًا يشبه نداء ابن أخويا ذا الأربع سنوات عليا بعد ما قفلت الباب وماشية، ونداني قال لي "يا رزاان.. أنا بحبك"وأنا رديت عليه"وأنا كمان يا كوكو" :)..
______________________
* العنوان تنويع على عنوان رواية ليوسف فاضل "طائر أزرق نادر يحلّق معي"، ولا أنا قرأت الرواية ولا أعرف عمّا تتكلم، أنا فقط عجبني العنوان فقلت لما لا أكتبه.

جريدة "شباب السفير"تنشر لي تدوينة :)

$
0
0
نشرت لي جريدة "شباب السفير"التدوينة قبل السابقة "تداعيات مكالمة غير مكتملة"على موقعهم بتاريخ 10 فبراير 2015، وأنا شاكرة لهم كثيرًا، لكني كنت أودّ لو أخبروني قبلها أو أشاروا للأمر! شكرًا على كل حال :)

شرح ورسالة

$
0
0
في كليب أغنية "زيك أنا"الجديدة لمسار إجباري، البنت بتبص من البلكونة وبعدين بتتنهد، وبترفع شعرها من على عينها وتجيبه على جنب بحركة من إيدها. أنا شايفة الحركة دي طبيعية جدًا.
امبارح وأنا قاعدة معاك يا ميم كنت باحط إيدي على راسي كتير. اعتقد ده كان البديل لإني أمسح على شعري أو أرجعه لورا أو أغرس صوابعي في شعري قبل ما تصطدم بديل الحصان المنكوش اللي في مؤخرة راسي، أو الضفيرة شعاري اللي بقاله كتير أوي مهيمن. لمس الشعر أو التمسيد عليه، واللي اتحول للمس الطرحة أو ركنة إيدي على راسي، كل دي محاولات للتطمين. باحسها نوع من التواصل مع نفسي، نوع من الطبطبة عليا، نوع من حضن افتراضي كبير ودفا ولو حبة صغيرين، ولو لجزء صغير من راسي وشعري.
هو بيتحول مع الحجاب لمحاولات لا نهائية لظبط الطرحة والباندانة - اسمها عُصابة الرأس بس مش مشكلة - .. ده مش هسس صدقني، دي محاولة للتواصل معايا، يعني زي حضني لنفسي كده، أو تربيتة على الكف من كفّي التاني.
لاحظت برضه إمبارح إني معقدتش دراعاتي قدام مني، العلامة اللي بتشير لوضع دفاعي. الحقيقة إيديا كانت في لحظات مسترخية، ولحظات أكتر كنت باشاور بيهم وأخلع الخواتم وأسيبها على الترابيزة وأشاور بعصبية وأعد على صوابعي بنود وأتكلم واستخدم إيديا في الشرح كتير جدًا. د. أ. خ. توفيق بيقول إن دي سمة الخجولين، يمكن ده صحيح، خصوصًا إني حسيت بحاجة كبيرة لاستخدام إيديا في الشرح. تعرف؟ أنا ما بتكلمش كتير، ومش مع كل الناس. أنا حبيت جدًا لما اتكلمت معاك، وبحب جدًا لما باتكلم مع حد حلو، زي نهى رضا كده، الأسبوع قبل اللي فات لما قالت لي كلام حلو وسمعتني للآخر، بل إنها جات مخصوص من بيتها عشان تقابلني وتشوفني مالي. أنا متشكرة جدًا على كلامي معاك، وعلى إنك سمعتني، وعلى براح الوقت والمكان والهدوء النسبي اللي اتحاوطنا بيه، وخلانا نتكلم من جوانا، وقلنا حاجات حلوة، واتفقنا على حاجات حلوة. أنا ممتنة بجد :)
تصبح على خير

Article 0

$
0
0
النهاردة - لحد دلوأتي، الساعة 7 و12 دقيقة والعشا أذنت - كان يوم لطيف. قابلت ولد حلو جدًا، لسه عنده أمل. أخوه محبوس، بس لسه متفائل، إنه ممكن يطلع ويرجع حياته العادية تاني. سألته عن ولاد أخوه قال لي وهو بيضحك إنهم "عاملين دوشة"لأن أصغرهم مش بيروح المدرسة وقاعد معاهم على طول.
أجيب لأخوك ايه؟ سألته، قال لي وهو بيضحك ولا حاجة لأن مفيش حاجة تقريبًا بتدخل، وحكالي موقعة القاموس: الأمن بتاع السجن مرضيش يدخله لأنه "كتاب شفرات"على حسب كلامهم!!
الولد وسيم جدًا، وقعد يعتذر لي إنه نزلني في المطرة - كانت تنديعة خفيفة بس حلوة جدًا - وأنا قعدت أدعي له هو وأخوه يبقوا كويسين. بعتّ سلامي لأخوه ومراته والولاد، وهو وعدني يوصلهم.
...
على صعيد آخر، أنا طبخت لأول مرة من كتير أوي، وبانزل كتب أهو وح اقراها إن شاء الله، والدنيا برد وأنا روحي بتنتعش في البرد، حقيقي! وبندعي ربنا أنا وصاحبتي إنه يرزقنا "ولدين "حلوين جدًا، مش واحد بس!
..
!اللهم استجب

التصرف الطبيعي

$
0
0
اعتقد إن "التصرف الطبيعي"كان إني اتدفس في حضنك. إنت قاعد مسترخي، ضهرك على ورا ودراعك على ضهر الكنبة. أنا ح آجي واتكوّر في المسافة الكبيرة اللي سايبهالي صدرك/جذعك. الزمن يقف.. الناس تبطل تشرب سجاير.. الهوا يصفى.. الناس تبطّل حركة.. السكون يعمّ.. مفيش صوت، مفيش حركة.. نركّز أنا وإنت في نفَسنا: نفَس طالع، ونفَس داخل.. أسمع ضربات قلبك.. تفكيري يصفى.. العالم يكون أجمل.
..
بس إحنا محضنّاش بعض..
ينتج عن كده "ألم"في نص صدري بالضبط، بيزيد أول ما باصحى من النوم. ينبض، يقعد يفكرني "أنا عايزة حضن". بالتالي باتجه لإخواتي، أصغر واحد فيهم تحديدًا وأطول مني. باقعد أحضن فيه، ويطبطب عليا، بس مش أحضان مشبعة. ساعات بقا، بييجي هو وأكون أنا مستلقية على السرير، ييجي يحط راسه على بطني، ويفضل هناك كتير. بانبسط، وهو كمان.
..
إنت عارف إني مش فاهمة حاجات كتير في الدين، لكن لسه باصلّي، رغم إن الصلاة تقيلة أوي عليا. النهاردة عملت حاجة جديدة، إنجاز جديد: دعيت. وأنا ساجدة، قلت لربنا: يارب، عايزة"أحضان طويلة مشبعة". ارزقهاني يارب. استعجبت من نفسي شوية وأنا بادعي، بس صممت إني أكمل دُعا، وقمت، وسجدت تاني، ودعيت تاني.
على الله الإجابة ..
...
.
.

Article 1

$
0
0
بيقولوا إن التروما بتخلق دواير جوه المخ، بتفضل المشاعر اللي ما اتعبرش عنها كويس تلف في الدواير دي خالقة جو خانق جدًا من الألم والمعاناة وقلة الصبر والكآبة والوسواس القهري وكل حاجة زفت تانية، لحد ما ييجي العلاج النفسي - بالكلام والدوا - يكسر الدايرة دي ويخليك "تعبّر"عن أفكارك ومشاعرك وعن التروما واللي حصل فيها فعلاً. فيه جزء من العلاج اسمه "العلاج بالتعرّض"وده بيعرّضك تاني لنفس التجربة اللي نتجت عنها التروما وبيخليك تتعامل معاها بأحاسيس مختلفة غير الخوف والقلق والهلع والرعب والعجز الشديدين المتعلقة بالتروما. العلاج ده المفروض بيحيّد الأماكن والأشخاص اللي حصلت فيها التجربة الصادمة وبيخليّ الناجي من الصدمة أكثر قدرة على التعامل مع الأشخاص والأماكن.
.
طيب. أنا محصلش كده بالضبط بل إننا مع الدكتور بعد شوية وقت تجنبنا الكلام عن التروما نهائي وبقينا نتكلم عن حياتنا العادية. مش معنى كده إننا تطورنا أو حصل لنا حاجة زيادة، لأ، إحنا مبقيناش مرتاحين للكلام عن الصدمة.
.
طيب. كلام واتكلمت، كتاب وبعمل، مقالات وبترجم. أي حد بيقول إن الناجين من الصدمة مش "بيتعافوا"منها، لأ، دي مش حاجة تتعافى منها، دي بتروح وتيجي حضرتك، وبتعيد إنتاج روحها من أول وجديد، وتفتكر إنك خفيت خلاص تقوم طالعة لك تاني. بالعلاج المفروض إنك تتعلم "تتأقلم"معاها وتتصرف إزاي وقت ما تجي لك النوبة الجديدة منها.
.
ألف لعنة
.
أنا لا عارفة اتأقلم ولا عارفة أعيش من أساسه. في صيف 2013 ابتلعت ثلثي الجرعة المميتة من دوا كان عندي، وهاجس جوايا قال لي ما أكملش بقية الأقراص، وبعتّ رسالة للدكتور مليانة أخطاء املائية أقول له فيها شكرًا لحد كده وسلامو عليكم، اتصل بيا بعدها على طول وقال لي عشان خاطري ما تموتيش، وحدد لي معاد تاني يوم الصبح بدري. رحت له وقالي أسافر، وفعلاً سافرت الحمد لله.
أنا حاليًا مقتربة جدًا من نفس الحالة. نفس الدوا عندي، الجرعة المميتة 6 أقراص بس ودي مش حاجة كبيرة، أنا عندي منه بكميات كبيرة أصلاً.
اللي ميعرفوش المحيطين بيا - عدا صاحبتي نهى لأني لسه قايلة لها - إن مقابلتهم وخروجهم معايا وتصرفهم الكويس معايا واحتضاني فعليًا ونفسيًا له تأثير مهدئ جدًا عليا. أنا عايزاهم يقربوا مني أكتر وأشوفهم أكتر، بحيث إني أشوف على الأقل واحد  / واحدة كل يوم. ميسيبونيش لوحدي لأني خطر على نفسي..
.
أنا بشحت الناس. كل اللي فاكراه السنين اللي فاتت دي كلها إن كل الناس مش فاضيين وإني باشحتهم شحاتة فعلاً، وإن الدنيا - مصر خصوصًا ربنا يبعت لها قنبلة نووية لا تبقي ولا تذر - دوامة كبيرة بتبلع الناس كلها جواها ومبيبقاش عندهم وقت ولا مجهود للتواصل الإنساني الطبيعي والصحي والمفترض. يخرب بيت دي عيشة يعني.
.
بليز اتصلوا بيا.
بليز اخرجوا معايا.
بليز سفّروني.
.
بليز ابعدوا عني الناس المؤذية.
.
"أنا مبتلى بيا
نسبة نجاة معدومة في المية
مقطوم في القلب ناب
يارب
طبطب عليا"
أحمد العايدي
..
..
.
.

Article 0

$
0
0
"..اخلق معي حديثًا، فربما لستُ بخير"
..

Article 2


عصر جميل مُستعاد

$
0
0
اعتقد إن د. هبة رؤوف مكانتش تعرف - أو يمكن عرفت - إنها لما تُغصب على إنهاء لقاءها الأسبوعي بتاع شرح مقدمة ابن خلدون في السلطان حسن، مكانتش تعرف إنها بكده بتقفّل أبواب كتيرة جدًا على ناس حلوة، أبواب للبراح والمقابلة والخروج وشوفة الناس الحلوة والأماكن الحلوة، وإنها تحسس الناس إن لسه فيه أمل ولسه فيه مساحة للتحرك في بلد خانق شديد الغباء زي القاهرة/مصر كلها.اتذكر لها مرة، كانت رضوى - القطب المغناطيسي الجاذب لكل الناس الحلوة <3 -="" b="" nbsp="">3>
رحنا ملقيناش القهوة فتحت. دخلنا بيت زينب خاتون، طلعنا فوق السلم، كان فيه زي بلكونة كده أو شُرفة السلاملك، في الدور اللي فوق، قعدنا فيها. أنا ورضوى من جانب وقصادنا فضل ومصري وعبد المجيد، وجنبي حسين، وجنبهم أحمد جمال وولد عسّول عنده تمبلر، ودي كانت تقريبًا أول مرة أشوف حد معرفوش وعنده تمبلر! انبسطت الحقيقة.
..
كتير، لما باكون "هلوعة"أو قلبي طاير ومش قادرة أطبطب عليه أو أضمن إنه ح يفضل جوه صدري ومش حيسيبني ويمشي، بادوّر على أي حاجة أمسك فيها، حاجة تديني الأمان.
كنت رحت شارع المعزّ قبل كده قبل ما القلب يصبح مثقل للدرجة دي، وأصرّيت إني ورفقتي نشتري جوافة، واشتريت جوافتين فعلاً وغسلناهم وأكلناهم، وسط انبساطي وتريقة الرفقة.
المرة دي، أصرّيت برضه أجيب جوافة. كنت متعلقة بيها كإنها منفذ النجاة الوحيدة. اشتريت اتنين كيلو ودوّرنا أنا ورضوى على مكان نغسلهم فيه. لقينا قهوة فاتحة لسه وبترشّ مية، استئذنا ودخلنا غسلناها.
لما طلعت البيت، كان أحمد جمال - الشهير بأبو صلاح - بيتكلم بإجلال عميق جدًا، الألفاظ تقيلة وخروجها تقيل نفسه، صمت طفيف في منتصف الحكي، بين جملة وأخرى. كان بيتكلم عن الراوند اللي أخدها في مستشفى الطب النفسي تبع كليّتهم - ولا كانت عين شمس؟ مش فاكرة - . كان بيحكي عن مريضة بتشوف هلوسات، وبتشوفها حقيقية جدًا. بعد انتهاء الحكي فضل ساكت، محدّق للاشيء، وإحنا كلنا ساكتين، وأنا مش عارفة أعمل ايه. الحكي كان تقيل والموقف كله كان وقعه مش سهل.
..
عزمت عليهم بالجوافة بعد كده. إديت لمصري زيت زيتون جبته معايا من السعودية، انبسط بيه، بتعبيراته الهادية المسالمة المشهور بيها.
..
دخل الولاد - مش فاكرة مين بالضبط - بقية الصالة/السلاملك - ولا كان الحرملك؟ مش عارفة!! - ولقوا ورقة في الأرض. الورقة قروها بصوت عالي، مش فاكرة منها حاجة غير "أنا وإنتي"و"يجب أن نبحث عن الله"أو شيء مشابه. علّق فضل على الورقة إنها شبه تفريغ لجلسة علاج نفسي أو محاضرة عن شيء مشابه. ح تفضل الورقة في ذهني رمز للحاجات اللي بندوّر عليها فبنلاقيها في أكتر الأماكن غرابة وغير متوقعة.
...
فضل كان معاه سِبحة، ومصري برضه كان بيحاوط رسغه بسبحة. في لحظة ما، كنت أنا باصوّر بالموبايل، والناس كلهم بيتكلموا وبيشرحوا وعبد المحسن طلع من تحت وبيسأل ح نعمل ايه، كان مصري وفضل ليهم حوار خاص: مصري واقف  وفضل قاعد، كان فضل بيقوله حاجة على السبحة، تقريبًا "سبّح كده"أو "قول كذا"، وبيشاور له عليها. اللقطة التانية مصري قعد جنب فضل على جزء مرتفع من الأرض زي مصطبة صغيرة، وفضل لسه بيشرح له، وهو بيبص له باهتمام عميق، ونظرة طيّبة من عينيه. في الصورة التالتة مصري وفضل ماسكين كل واحد في إيده سبحة، وبيسبّحوا سوا، بدون صوت، وإن كان فضل بيحرّك شفايفه بس.
اللقطات دي من أكتر الحاجات اللي بتهدّيني لما أبقى متوترة وبادوّر في الصور..
....
في لحظة تانية، كانوا بيغلّسوا على حسين اللي بيكتشف المانجا لأول مرة، وبيشرح لنا ليه. كنا مندمجين في الحوار والضحك والتأليش على الراجل، وهو كان غلبان جدًا واتضايقت لانكون ضايقناه فعلاً. في لحظة مقاربة ليها كان انفصل عنا عبد المجيد وقعد يدندن لوحده، مع الوقت كلنا سكتنا وفضل هو بيتطلع "للأفق"أو "للاشيء"وبيدندن لأم كلثوم. أنا دندنت معاه شوية، وهو بص لي باستغراب وسأل: "هو أنا صوتي عالي؟"وضحكت قلت له أيوة، فاعتذر. قلت له مفيش حاجة تستحق الاعتذار بالعكس أنا انبسطت، كنت وقتها بحب أم كلثوم جدًا.
بعد فترة، ح أقرا لعبد المجيد نفسه اعتراف إنه بيحب يدوّر في كشاكيله ودفاتره عن كلمات أومقاطع من أغنية أو اقتباسات بتتكلم عن اللي حاسس بيه دلوأتي، ولما مبيلاقيش، بيحسّ بفزع جدًا. ساعتها فهمت إنه كان مرهق، كونه منامش من 3 أيام، ويمكن حاسس بفزع، وكان بيدندن عشان يطمّن نفسه.
...
الحاجات البسيطة، الحاجات اللطيفة، اللي بنعملها عشان نطمّن نفسنا، بتبقى طيّبة جدًا. لسبب أو لآخر، اعتدنا - واعتدت أنا - على القسوة على النفس، إنها متستاهلش، إنها بتتدلع ولازم نقتل الدلع ده فيها ونقتصه من جذوره، ونتخلص منه، ونبقى ناشفين. 
لكن لما يجي لي واحد بيبقى مفزوع وبيدندن لأم كلثوم، دي صورة طيّبة جدًا عن المفروض يحصل. وأنا، بعد معاناة وهرطقة وتجريب، وصلت لمرحلة إني باطمّن نفسي بالجوافة، أو بمزيكا بسكاليا لراجح داوود، أو ابتهال عمرو واكد من فيلم "لي لي"اللي مشفتوش بس حبيت الابتهال أوي.
الرأفة بالنفس والتطييب والطبطبة والرفق، كلهم مطلوبين، كلهم جُمال جدًا، كلهم بيجيبوا نتيجة لطيفة فعلاً.
شكرًا لأحمد عبد المجيد :)
....
بعد انتهاء الجوافة، وقلبي كان اتطمّن شوية بس رجع يرفرف تاني وبيخبط جوايا ويقول لي حرام عليكي كده، استأذنتهم إني أمشي، مش قادرة أقعد برة البيت - حيث المخاطر - أكتر من كده، خصوصًا إن العصر جه والمغرب قرّب، حيث الليل، حيث الفزع، فلازم أروّح. مش فاكرة ساعتها ركبت تاكسي ولا ميكروباص - موقف ميكروباصات السيدة عيشة قطعة من الجحيم ذاته - . المهم إني روّحت على طول الحمد لله، واتلفّيت في السرير. كتبت كلمتين عن اليوم مفرّغة من المعنى، ونمت على طول.
....
يظلّ لد. هبة وحضورها الرؤوف الحنون وقعه الطيّب في نفسي، ولعبد المجيد اللي أصرّ إنه يسلّم عليا بعد ما عدّى نص الشارع . آه افتكرت، ركبت مع مصري وعبد المجيد تاكسي لميدان الأوبرا، ومشينا شارع 26 يوليو كله، لحد ما لقيت ميني باص ح يوصلني لحد البيت. عدّى عبد المجيد نص الشارع وبعدين افتكر إنه مسلمش عليا راح رجع، وأنا رجعت قبل ما أركب الميني باص، وسلّمنا على بعض في تلت الشارع مثلاً، ومصري بيبتسم، كان هو اللي ناداني إني آجي أسلّم قبل ما أمشي.
...
سأظل ممتنة لمصري وفضل على لقطات التسبيح، ولأحمد جمال على احترامه لجلال اللي بيحكيه، وعبد المجيد على دندنته، ورضوى على حضورها الطيب رغم انطفائها في اليوم ده واللي كان باين عليها أوي، ولحسين على ضحكه من القلب معانا.
...
الحمد لله لسه فيه أيام بافتكرها بالطيبة، وسط ثقل أيامي الحالية وألمها. الحمد لله :)

Survivor’s Instinct

$
0
0
آبيه مشمش بيحب المزيكا. مرة من كذا رمضان سألته “بتحب محمد منير يا آبيه؟” فقال لي آه طبعًا، ده أنا عندي كل أغانيه. وكعادتي معاه لأني عارفة إنه “بكّاش” ما اخدتش كلامه بجدية. يمكن هو بيحب منير بس إشطة يعني مش لدرجة كل أغانيه، وسبته ومشيت. دلوأتي، بافكر إنه فعلاً بيحبه، وإنه مكانش بيبكش عليا، وإنه بس بيخبي السيديهات وحاجته كلها.
آبيه كان عنده عربية خضرا عادية، مامته اشتريتهاله لما جات من السعودية، عشان يقضي طلباته ويروح الشغل بيها. بس مع الوقت، تحوّل للسواق بتاع العيلة، أصل عيلتنا ساكنة كلها جنب بعض، ولما بعدنا إحنا ورحنا ضاحية تانية من ضواحي القاهرة مغفرولناش، لحد دلوأتي، رغم إن الحركة دي عدّى عليها ييجي عشرين سنة. المهم، كان كل واحد رجله واجعاه وعايز يتحرك خطوتين لقدّام بيقول لآبيه مشمش، وبيتدلعوا عليه، وهو ميقدرش يقول لأ. حتى أنا، كنت معتبراه عادي يعني يوصلنا البلد أو أي حتة، لما بنيجي رايحين في رمضان وبابا يقول لنا يالا على حلوان آبيه ح يوصلنا، كنت باقول عادي، وبعدين كنت بالاقي العيلة كلها جاية معاه فكنا بنضطر نركب الميكروباص/ميني باص/أي مواصلة حقيرة ومتعبة جدًا تانية. ده كله لحد ما في مرة كانت خالته عايزة تروح مشوار، فقالت له، قال لها طبعًا يا خالتي عينيا ليكي، وقفل معاها التليفون وهو ساخط، وقالي ما عندها ولدين كل واحد عنده عربية، ما تاخد واحد فيهم ولا أنا مقطوع لهم؟؟

آبيه مرة وصلني من حلوان لبيتنا في الضاحية الجديدة. كنت صغيرة أوي وقلت ح أروح لقرايبي لوحدي، وده طبعًا كان فيه مخاطرة كبيرة، رحت من ورا ماما، واتأخرت هناك، وجيت ماشية آبيه قال لي ميصحش تمشي لوحدك في الليل ده، وأخدني في عربيته ووصلني لحد البيت. في السكة ماما اتصلت بموبايله - كان عجبة وبدعة جديدة يوميها - وهو مردّش، لحد دلوأتي معرفش هو مردّش ليه. المهم، وصلت البيت سالمة غانمة، محاولش يتحرش بيا ولا أي حاجة، كان بيتكلم عن بابا طول الوقت ومش فاكرة حاجة من كلامه، اللي فاكراه؛ كانت العلقة السخنة اللي أخدتها من ماما بالشبشب، عشان “ركبت معاه” وهو مش “محرمي”، والناس تقول ايه لما تشوفني راكبة معاه، وأنا معرفش ناس مين وح يقولوا ليه أي حاجة ده قريبي!! أصلنا كنا جايين من السعودية طازة يعني، وأمي دماغها مركبة شمال، طول عمرها الحقيقة.

آبيه مشمش ده حكايته حكاية: والده اتوفى وهو عنده 5 سنين، وأمه ما اتجوزتش تاني. اتقدموا لها كتير طلبة من بتوع باباها، أصل جدو الله يرحمه كان أستاذ في كذا كلية، بس كانت ح تبقى الزوجة التانية، واحتمال يحرموها من عيالها، فرفضت. راحت تعيش مع أمها وأبوها، وهما جالهم إعارة السعودية، فراحت معاهم، وفضلت قاعدة في البيت. مرة حد من زوجات الطلبة جُم لهم البيت، وطبعًا الستات قعدت مع الستات، فالزوجة قالت لعمتي إنتي قاعدة ليه؟ ما تدرسي؟ راحت فعلاً التحقت بكلية الآداب قسم تاريخ، أو بكلية إعداد المعلمات، مش فاكرة بالضبط. أخدت الليسانس، ووراه الماجستير والدكتوراه، وبقيت أستاذ في الكلية اللي اتخرجت منها، كل ده وسط ظروف صعبة جدًا ح ابقى أحكيها عنها بالتفصيل في وقت لاحق.

المهم بقا، آبيه مشمش وأخوه الكبير كانوا قاعدين معاها وبيدخلوا المدرسة. بابا كان شرير أوي معاهم، شرير جدًا. ماما تذكر له واقعة مستحيل تنساها، لما كانوا لسه متجوزين وراحوا البيت عند جدو، بابا لقى مشمش لسه جاي من عند الحلاق، وعامل قصة في شعره الأصفراني الطويل، ومتباهي بيها. كان في أولى إعدادي تقريبًا، حاجة كده بتاع 12-14 سنة. بابا راح مسكه من قُصته، وشتمه وبهدله وضربه، وراح جاب المقص وقص له شعره. 
الولد فتح في نافورة عياط هيستيري، وأخوه راح اتزنق في ركن ودفس راسه بين ركبه وقعد يعيط بمرارة. أمه وأمي مقدروش يحوشوا عنه لأن أذى أبويا طالهم، ضرب وشتيمة وزعيق، وقعدوا يعيطوا هما كمان. جدو الله يرحمه كان بصره ضعيف جدًا، وهو ضعيف البنية أساسًا، بس كانت قبضته قوية. مسكه من دراعه وزعق فيه: “بتعمل فيهم كده ليه؟ دول ولادي أنا، فاهم يعني ايه ولادي أنا؟؟” بس الزعيق مجابش نتيجة، بأمارة إنه لغاية دلوأتي بيعامل مشمش وحش.

مرة وإحنا صغيرين بندوّر في دواليب أبويا وأمي كما هي العادة، ونطلع القماش ونفرده على جسمنا ونتخيل إننا عرايس وده فرحنا، ونلبس التوك الملونة المليانة ورد، ونحط الروج السحري اللي لونه بيظهر بعدها بتلات ثواني، لقينا شريط. شريط كاسيت بريء جدًا مش مكتوب عليه حاجة - ولا كان مكتوب؟ مش فاكرة. المهم أخدناه، وروحنا البيت في الضاحية الجديدة، وقفلنا الباب علينا أنا وأختي، وحطينا الشريط في الكاسيت اللي مهربينه من ورا أبويا واللي أخويا اشتراه من فلوسه - كاسيت ببابين وخاصية التسجيل مع إلغاء التشويش الخارجي، لسه لحد دلوأتي عند أخويا وأخده بعد ما اتجوز وحرمنا منه! - المهم، حطينا الشريط، وشغلناه.

كنا صامتين تمامًا، صمت مقدّس، متحركناش. اشتغل صوت ماجدة الرومي، وغنّيت “مع جريدة” و”كن صديقي”. غنّت بعدها الست فيروز، وأم كلثوم، والشريط خلص. كنا لما نسمع خطوات أبويا جه وح يفتح باب الشقة، نقفل على طول ونشيل الشريط في الدولاب نخبيه بين هدومنا، هدوم أختي تحديدًا لأن هي الكبيرة، ونحلف سوا ما نجيب له سيرة. ما اعتقدش إنه قفشنا أبدًا، ولا اكتشف غياب الشريط.

اللي عرفناه بعد كده إن ده كان شريط آبيه مشمش وبابا صادره.
….
آبيه مشمش - زي ما أمه بتحب تدلعه -  طوّر وسيلة دفاعية جامدة جدًا: يقلب لك البحر طحينة، يفرش لك الأرض رملة، يقول لك اللي تحب تسمعه، يسيّح لك الشربات، وفي ضهرك يقول كل اللي اتحرم من قوالته. بيمشي مع بابا في مشاويره لحد قريب جدًا، لحد ما انشغل بشغله وبقا أبويا - قدامي - يتصل بيه يقول له “والله يا خالي أنا في وسط البلد عندي احتماع شغل ومعرفش ح اخلص امتى” وهو يبقى قاعد قدامي في البيت متحركش. يقفل معاه ويقول بنفخ وسخط “هو أنا فاضي لك؟” ونضحك سوا. عامة هو كان بيعمل قدامي البحر طحينة برضه لحد قريب جدًا، لما لقى إني مفيش مني ضرر أو تهديد عليه، بقى بيقول رأيه بصراحة قدامي وما يهتمش. بقا ساخط على الدوام، والسخرية لازقة له في كل كلامه وتصرفاته. “بكّاش”، هو ده التعبير الأقرب للحقيقة. بكّاش مع كل الناس إلا قدامي مثلاً وقدام مامته، وبيتكلم بآرائه السياسية عادي، إنما قدام الناس التانية بيقول لهم اللي عايزين يسمعوه.
دلوأتي بس، وأنا باغسل سناني وبابص بهمّ عظيم لصورتي في المراية، قررت إني أعمل دي في دي عليه أغاني منير كلها اللي عندي، وأديه هدية لآبيه مشمش. عربون تصالح، يمكن منير دلوأتي يطبطب على طفل زمان، اللي زعل لما قُصته طارت، وشعره بقا  قُزعة وشكله وِحش، وعلى إيد مين؟ إيد خاله، وهو يتيم، مالوش أب يدافع عنه..

سلامًا حيث كنت يا آبيه، وجمالاً يحاوط روحك دائمًا، آمين..
:)

ريتا والكيك بالشوكولاتة

$
0
0






الصورة دي بتحكي كتير، رغم بساطتها وقلة تفاصيلها.
قطعة التورتة دي عملتها له ريتا. الحقيقة، ريتا مش شاطرة أوي في الطبخ، لكن خبيزها عملاق ويقف قدامه مبتهلاً متبتلاً مقدسًا اللحظة السحرية اللي خطرت على بالها فقررت إنها تعمل التورتة. الحقيقة برضه إن ريتا مؤخرًا كانت بتتجنب الحديث معه أو القعدة معاه من أساسه، عشان ميسألهاش هي عاملة ايه، فتضطر تقول له على كل حاجة.
ريتا طلعت من الحمام بعد ما رميت قلم اختبار الحمل في الباسكت وخبيته كويس. القلم بيقول لها النتيجة "سلبي"، وهي كان نفسها فعلاً في طفل ودلوأتي حالاً. فكرت في التبني، ليه ما يتبنوش؟ بس جوزها المحلّقة دماغه في السموات وأحيانًا بتتخفس سابع أرض، ملوش مزاج محدد في أي وقت من اليوم، والدنيا عنده مكركبة. كان بيبتسم دايمًا ويقول لها "بكرة نخلّف، أنا مش مصدق إن ربنا ح يحرمنا من الخلفة، أنا واثق إنه بيحضّر لنا بيبي لطيف جدًا كده، مفاجأة صغنونة، يمكن على راس السنة". وتتسع ابتسامته خالص، ويقول لها متخافيش، ويطبطب على كتفها ويروح يلزق في شاشة اللاب توب ويحاول يكتب حاجات مبتعجبش حد، بس لسه ابتسامته مراحتش من وشه.
...
ريتا عملت زي الست في فيلم "جولي وجوليا"واللي ناسية أنهي فيهم يبقى اسمها، كانت بتقول إن مفيش حاجة أحلى من إنك تروّح البيت من يوم عمل طويل ومرهق ومؤلم ومفيش حاجة اتحققت فيه زي ما إنت عايز، تروّح عشان تقف في المطبخ سلطان زمانك وتقعد تقشر وتحمّر وتخلي الفراخ وتعمل كيكات حلوة وتخلل الخيار. الأمور دي كلها فشلت فيها ريتا ما عدا الكيك والجاتوه والبان كيك - بتطّور فيها دلوأتي عشان تجرب وصفات جديدة، وأضافت لها الشوفان والقرفة والسكر البني، ومبقيتش محتاجة أي شراب عسلي عشان يحلّي طعمها.
...
ريتا مش مبسوطة في جوازها. ريتا بتعتبر نفسها سليلة العائلة الحسنة الصيت والتقبّل عند الناس، ريتا في تفكيرها لازم تجيب بيبي قبل ما توصل التلاتين - قدامها كمان أسبوعين، يعني استحالة خلاص - عشان تلحق تقعد معاه وتوصّل له تراث عيلتها الاسكتلندية. كل ما تفتكر مشوارها وتقول إنها سابت اسكتلندا وهاجرت على أمريكا، تمام زي ما عم دهب - بابا سكروج- عمل وساب الأسرة كلها، ده حتى مقدرش يسافر لهم لما مامته اتوفيت. ريتا بتقارن نفسها بعم دهب كتير أوي، خصوصًا في الكادر الأخير من الحلقة الأخيرة من سلسلة "شباب دهب"اللي طلعتها مجلة ميكي الأمريكية، الكادر كان بيقول قبليه: "أنا أسيب كل المجوهرات والدهب والأموال دي، عشان أروح اسكتلندا وأقعد جنب إخواتي البنات؟ لما أكون غني كده، مش ح يبقى عندي بيت ولا أولاد ولا ح اتجوز، وح اعيش للفلوس وبس."وفي الكادر الأخير خالص، عينيه بتلمع بجشع، وبيقول لنفسه "أنا اخترت أعيش للفلوس وبس."وده كان قاتل بالنسبة لريتا.
...
جيري بقا، اللي لاقيته ريتا أثناء بحثها الدائم عن السعادة، انبهرت بيه وبابتسامته اللي على طول دي. ولما كانت وصلت 25 سنة ولسه ما اتجوزتش، اقتنعت بيه على طول. زي ما قلنا هي كان نفسها في طفل، ومش مؤمنة بالطرق اللي مش بتنتمي للإيمان، بإنها تجيب الطفل خارج نطاق مؤسسة الزواج. اتجوزت على طول ولبست فستان طويل بحمّالات واسعة شوية، وهو كان واسع شوية فواجهت بعض المشاكل المتعلقة بإن حمّالة الصدر تبان - رغم إن لونها كان أبيض برضه بس ما يصحش، دي حمّالة!! - بس الفستان كان حلو عليها، زي ما أمها اللي جات لها من اسكتلندا مخصوص قالت لها، بس الحقيقة إن لونه مبيّن أكتر بهتان لون وشها وزرقة عينيها الفاتحة، وشعرها اللي بيتراوح ما بين البيج الأوف وايت والأصفر الفاتح. واضح إن أمها مكانتش صريحة معاها بخصوص اختيارات الألوان، كان لازم تلبس حاجة غامقة أكتر شوية.
نرجع ونقول جيري. ماله؟
جيري قارئ نهم جدًا، وعنده مكتبة في كل حتة من بيته حتى فوق سريره. لما شافها في المقهى قاعدة بتقرا الجرنان وهي قلوقة وبتهز رجلها جامد، وبعدين سابت الصحيفة وعلى وشها خيبة أمل عملاقة، ساعتها دخلت قلبه. قال بنبرة تساؤل عادية مش مدركة لمدى فداحة السؤال: "يا ترى في إيدي ايه أعمله عشان أسعدها؟"وكلمة "فداحة"مهمة جدًا لأنه اتجوزها في الآخر!! صحيح جوازهم مش تعيس، لكن جيري بحساسيته المفرطة كان بيساعد كل حد كإن ده هدفه على الأرض، والسفينة الأم باعتاه عشان يصلح من الأوضاع. هو مصدقش أبدًا الكلمة اللي بيقولها له صديقه "ريك"دايمًا: "ما انتاش المسيح المخلّص. ده حتى شعرك مش سايب على كتافك!!"ة
....
النهاردة بقا، في الخامس من أغسطس للعام التسعة وعشرين بالنسبة لريتا، طلعت من الحمّام بعد نوبة عياط وقهرة نِفس كبيرة، وابتديت تشكّ إن يمكن ربنا سامعها فعلاً، ولا ايه اللي أخّر وصول البيبي كل ده؟ راحت المطبخ مباشرة بدل ما تقعد في السرير تعيط على كل حاجة في عيشتها وجيري يقفشها، فتحت الدرج الفوقاني وقررت تجيب كل أكياس الدقيق اللي عندها، واللي طلعوا اتنين بس في الآخر. كسرت البيض وجابت المضرب اليدوي عشان تهلك دماغها وإيدها شغل، وما تسرحش مع المضرب الكهربا. قعدت تضرب تضرب كتير كده، وهي بتحط بإيدها التانية الفانيليا والسكر والزبدة، وتضرب تاني وتالت، وتمسح العرق في الزاوية اللي بيعملها دراعها لما تتنيه، ومفيش مانع برضه إنها تمسح إيدها اللي مليانة دقيق في ضهر البنطلون. دايمًا كان جيري بيضحك من التلات صوابع اللي في ضهر البنطلون دولت، ويقعد يتساءل زي العيال:"هما جُم منين؟ يا ترى منشأهم ايه؟ وهما التلاتة إخوات ولا ايه؟"زمان كانت بتنبسط من الأسئلة اللي مدية على هبل طفولي محبب، بس النهاردة، وحلفت بقبر أبوها الواعظ، لو عملها تاني مش ح تسكت له أبدًا، وممكن تغرق وشه في صينية الدقيق يمكن يبطل خالص اللي بيعمله ده.
عند النقطة دي تحديدًا ابتديت تعيّط.
ركنت على الحيطة وراها، وبعدين شدّت كرسي وقعدت عليه نص قعدة، عشان سمعت خطوات جيري وهو بيلّف في أوضة المكتب مستني الإلهام يجي له ويكتب بقا ويخلص روحه من حبسة الكاتب اللي اتحبسها دي بقاله أيام. قامت على طول، ومسحت دموعها في منديل مطبخ عملاق، ونضفت أنفها بعناية، وغسلت إيديها ونشفتهم عشان ولا نقطة مية تنزل على البيض لحسن تزفّره، ورجعت لشغلها.
استغرق الموضوع منها كيكتين، عشان توصل لقوام مناسب للتورتة. عندها طبعًا كريم شانتيه، علب على علب في التلاجة، وطبق فراولة فاضل لها تِكّة وتبقى مش صابحة، وتزعل هي منها. أصلها كانت على علاقة قوية بالفراولة ومؤمنة إنها ممكن تصلح كل أوجاعها واضطراباتها، خصوصًا لو قامت بالليل مثلاً وضربت شوية كريمة في المضرب اليدوي وقطعت عليها فراولة ساقعة.. يا سلااام! كانت تتمزّج أوي وتقول الله، هي دي النعمة المذهلة بجد.
طلعت الكيكتين من الفرن، سابتهم يبردوا شوية عشان الكريمة ما تسيحش، في الوقت ده قررت تتفرج على وثائقي من قناة ناشونال جيوجرافيك، أو تطلع وصفات جديدة تتضمن الفراولة من على موقعها المفضّل "الكونتيسة حافية القدمين"، أو إنها تشغّل الفواحة المليانة لافندر، وتقعد تتأمل شوية. طبعًا هي لو تأملت ح تنفتح في عياط تاني، والناشونال جيوجرافيك عليها وثائقي للحرب العالمية التانية وهي مش ناقصة وفيات وخيبة أمل ودم، فقررت تسرح شوية على الإنترنت. حوالي ربع ساعة في انبهار بالوصفات الجديدة واللي مش كلها تتضمن الفراولة، جاعت ريتا. قامت على طول، حطيت الكيكتين في الفريزر، طلعت علبة كريم شانتيه وقعدت تضرب فيها مع اللبن بالمضرب اليدوي، وتلّف مع اتجاه عقارب الساعة وتدندن شوية وتمسح عرقها شويتين، لحد ما اقتنعت بكثافة الكريمة، وقررت تطلع الكيكتين، تشيل وشهم اللي قابب على فوق، تقطعهم بالعرض وتحط الكريمة في النص، تزين الوش بالفراولة اللي صالحتها شوية، وتقطع حتة ليها وواحدة لجيري. تغسل وشها،  وتقدم قطعة جيري ليه. يسيب النضارة على الكتاب اللي كان فاتحه بعد ما قعد تعبان من اللف في الأوضة، يبتسم في وشها جدًا، ما يتكلموش، يقعدوا ياكلوا وبس.
شكرًا للفراولة والكريمة وكيكة الشوكولاتة على إنقاذها الموقف، مرة بعد التانية :)











تيتة فيري والفطيرة بالتين والتوت

$
0
0



الصورة دي تحديدًا بتوصف شخصية تيتة فيري جدًا. أهي! مجمعة كل الفاكهة اللي عندها وحرقت لها قاعدة فطيرة، بعد ما حشيتها طبعًا بشوية توت أزرق مطحون، وبكده الحرق مابانش أوي. مش باقول لكم؟ هي تيتة فيري.
وكمان عشان تريح ضميرها، راحت حطيت حتة من شمع العسل وشوية عسل في طبق، آل يعني الناس ح تغمس! دول أول ما يشوفوا الفطيرة ح يطلعوا يجروا! وكمان فيه ورد محطوط على الفطيرة؟ ده بالضبط بيوصف ميل فيري - بيني وبينكم، إنما قدام أمي لازم طبعًا حكاية "تيتة"دي - للإيمان بالسحر والحاجات اللي مش موجودة. الورد ده اسمه الكامومايل أو حاجة شبه كده، وبيقولوا إنه مفيد في تهدئة الأعصاب. طبعًا بعد المنظر ده محتاجين مخدّر مش مهدئ بس! إزاي يخطر على بال فيري إنها تحط التوت الأحمر جنب الأزرق والفراولة وكمان التين!! وفيه كورتين لونهم أبيض مش ح اسأل عن هما ايه عشان مش ناقص، وعدت أمي إني مش ح أرجّع وأنا عند فيري. شكلهم عامل زي قشرة شعر الشيطان!!
..
اسمي كيم. أمي طبعًا لما تحب تحرجني قدام الناس بتنده لي "كامكاميتا"أو أي هبل تاني من اللي بتحبه، الوحيدة اللي بتضحك وأنا متقبل ضحكها هي طنط ريتا. ماما دايمًا تتكلم عنها بصعبانيات كده وتقول يا عيني وتلوي بوزها. طب أنا نفسي أفهم، لما تلوي بوزها ح تعمل ايه؟ الملايكة مثلا ح يستجيبوا لدعا طنط ريتا ويخلوّها متصعبش على أمي؟ يعني مثلاً هي بتبين تعاطفها معاها تقوم تلوي بوزها من وراها؟؟
طنط ريتا بتيجي عندنا كتير لما تكون فيري هنا، وتقعد تحكي لها حاجات. مرة كانت بطني مغصاني من آخر بيضة مش مستوية كويس أكلتها من إيد فيري، وكنت راقد في السرير فاكر إني خلاص ح أموت. لما نمت وصحيت بعد ساعة ونص، ولقيتني مليان عرق وريحتي وحشة، ولسه ما متّش، نزلت السلم جري ورحت أوضة "كل يوم" - هي اسمها كده - وفتحت التلفزيون ورقدت قدامه على ضهري، لأن بطني مكانتش مستحملة رقدان فوقيها. رفعت راسي شوية وقعدت اتفرج، وبعدين سمعت كلام ريتا. طبعًا كلامها كله مُعاد بالنسبة لي، حتى طبطبات فيري وعياطها معاها، مفرقش كتير عن المرة اللي فاتت. سمعت التلفزيون بنص ودن، لحد ما حسيت إن فيه زلزال واخد بطني من أولها لآخرها، ومخليني.. إحم، إنتوا عارفين! جريت ع الحمام بسرعة واندهشت من كمية البيبي اللي نتجت عن أكل بيضة واحدة مش مستوية كويس! وطلعت دايخ وعرقان أكتر. غسلت وشي واترددت أشد السيفون ولا أخليه مفاجأة للفيري؟ بعدين قلت لنفسي لتعاقبني وتعمل لي بيض مش مستوي تاني ويبقى ده بجد نهاية تاريخي المشرّف على الأرض. ليه السفينة الأم ما تخطفنيش زي ما خطفت هيلين ورجعتها تاني؟
...
على فكرة، هي التيتة مش اسمها كده "فيري"*، لأ ده هيا اللي سمّيت نفسها كده بعد ما طلعت معاش وبطلت تروح الشغل وحطيت كل تركيزها في الفطاير العجيبة اللي بتعملها لنا، كل ده وهي مبتسمة! معرفش جابت الوثوقية في روحها دي منين، أكلها وحش!
تيتة كانت بتشتغل في الخدمة الكتماعية للناس العواجيز، تعمل لهم فلوسهم وتبعتها لهم وكده. طبعًا مش هي نفسها، كان فيه ناس كتير بعجل يروحوا يوصلوا الفلوس للعواجيز. زنيت عليها كتير قبل كده عشان تخليني أركب عجلتي وأروح معاهم، وهي مرضيتش، وكانت بتضحك دايمًا وتقول لي لما تكبر، تيجي توصل لي أنا الفلوس، وساعتها ح نخرج سوا ونقعد في الجنينة الورانية للبيت، ناكل فطير ونراقب النحل. طبعًا آخر أربع كلمات خلتني أقفل تمامًا من لحكاية، ودلوأتي كل ما تيجي سيرة العجل أو النحل مبفتحش بقي خالص مستني أشوف أمي ح تقول ايه، أو لو كنت شجاع وسريع، أغيّر السيرة على طول. فيري دي عجيبة جدًا!!
...
من ضمن عجايب فيري اللي كانت دايمًا بتحكيهالي  إنها إزاي كانت بتحب مسلسل لراجل دماغه زي البيضة وشنبه رفيع وطالع لفوق كده، اسمه باغي، باغو، بواغو، حاجة كده. كانت  هي وجدو الله يرحمه يحطوا شريط فيديو في الجهاز ويخرجوا، بالضبط قبل ما يقول باغو مين القاتل، ويخرجوا يتعشوا برة، ويرجعوا يتناقشوا مين اللي قتل مين، قبل ما يفتحوا الشريط ويعرفوا إذا كان رأيهم صح ولا لأ. طبعًا فيري كانت بتقول لي إنها كانت دايمًا صح، وأنا باصدقها طبعًا، لحد ما أشوف حكاية باغو دي.
تيتة كانت بتحكي لي قبل ما أنام أي هبل عن الأميرات المحبوسات في قصور عالية، وبلا بلا بلا كتير. وبعدين قبل ما أغمض عيني على طول وابتدي أنام، تخبي الكتاب اللي في إيدها وتبتدي حكاية "آه ما هما لقوها ميتة"وتقرّب مني أكتر وتوسع عينيها وتقول: "مقتولة"!! وترجع ضهرها لورا وتقول "أهه، أسيبك بقا تنام"فكنت أفوق جدًا وأمسك في طرف الجاكيت الخفيف اللي بتلبسه دايمًا، وأترجاها تحكي لي. كانت دايمًا بتطلع باغو على حق، وإنه سمع كلامها وطلع القاتل من وسط عشرة، وأنا كنت غيران منه جدًا، وفي جزء صغنون جوايا مش مصدق الست دي خالص.. ما تسيبني أنام في حالي بقا؟؟

__________________
*Fairy, as in "fairy tales".

ريتا وكوباية الشاي

$
0
0



دي صوابع ريتا. أصلها اتسحبت برة البيت، متعرفش اتسحبت ليه ما دام جيري أصلاً مكانش هناك، وراحت تشرب الشاي في الكافيه اللي بتحبه جدًا “المقهى الأخضر”. هما أكيد مسميينه كده عشان كل حاجة فيه خضرا، ما عدا المجّات والأقداح والفناجين والكاسات، كل حاجة ليها شكل مختلف وتصميم مختلف عشان بيحاولوا يدّوا الروّاد حاجة ينبسطوا بيها لما يشوفوها، شيء أليف بيقول لهم “معلش طيب” زي ما قال لهم المرة اللي فاتت كده، وآنس وحدتهم. آه صحيح، مُلّاك الكافيه ده لاحظوا إن أغلب الناس بتيجي لوحدها، ميعرفوش ليه، بس هما بيحاولوا يكونوا وَنَس، والمحاولة دي جات من أصولهم  الأيرلندية، للي مستعدين يحكوها لأي حد قاعد يسمع، بس حماسهم قلّ لما الناس بطلّت تسمع لهم بضمير، واقتصر شغلهم - الإخوات التلاتة، مُلّاك المقهى - على تقديم الطبطبة والقهوة للروّاد.
ريتا مهربتش، دي احتاجت تكون لوحدها بس، بس شوية صغيرين، وبعدين تروح تلزق لجيري. أصل جيري بيشتغل من البيت، وهي عندها فلوس تكفيها ما تشتغلش برة خالص، ويقتصر وجودها على البيت. فبكده بقوا لازقين لبعض. في الأول ده كان كويس وممتع، خاصة على الناحية الجسدية، بس بعد كده بقى حِمل تقيل، لحد ما هي بطلت تتكلم، أو تضحك على مقطع مُعاد من فيلم، وتكتم تساؤلها: هي ليه الناس بتحب تعيد وتزيد في نفس الفيلم؟ ايه الملل ده؟
ريتا شافت مرة في مسلسل أمريكاني ست عايشة لوحدها هي وابنها وبنتها، مرة كان وراها حاجات كتيرة أوي تعملها وفجأة الحاجات دي كلها اختفت، وبقى قدامها ساعتين مش لاقية حاجة تشغلهم بيها، راحت عملت كوباية شاي عادية، وقعدت في بلكونة عادية، تتأمل في حياتها. مع الوقت الشاي خلص، وتنفسها بقا أهدى، والراوية اللي بتحكي المسلسل قالت “وانبسطت أخيرًا بكوباية الشاي في البلكونة، وحسيت بالرضا عن حياتها”. كل اللي كانت ريتا عايزاه هما الجملتين الأخرانيين دولت: تنبسط، وتحس بالرضا.
...

Viewing all 362 articles
Browse latest View live